فى المعهد الدبلوماسى الكائن فى قلب ميدان التحرير على مقربة من جامع عمر مكرم درسنا كأعلاميين على وشك الحاقهم بالعمل الدبلوماسى على ايدى نخبة من السفراء الذين يشار لهم بالبنان وممن تركوا أثرا كبيرا علينا فى طريقة كلامنا وفى طريقة تناولنا للطعام بل واستفدنا كثيرا منهم فى هندامنا وملابسنا خاصة ما يتعلق بما يمكن وصفه بالألوان الرسمية(الاسود،الكحلى،الرمادي)
درسنا على أيدي هؤلاء السفراء أن الدبلوماسى يتكلم بحساب ويصمت بحساب ويتبسم بحساب ويضحك بحساب.. وتعلمنا أن الدبلوماسى الناجح والمتمكن لا تستطيع قراءة ملامحه فلا تعرف وهو يتكلم ان كان فرحانا أو حزينا ملامحه لا تشى لا بسعادة ولا بغضب ...وأنك كلما احترت فى تفسير كلام الدبلوماسى فإن ذلك يدلل على نجاحه.
ولذلك كثيرا ما نصف كلمات الإنسان العاقل اللبق الذى يتجنب الاحراج ولا يقع فى مطبات بالدبلوماسي.
ولذلك اندهشت جدا من تصريح نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة والمصريين بالخارج خلال زيارتها لكندا عندما اشارت بيدها إلى رقبتها بعلامة الذبح كجزاء رادع لمن يتكلم (ينتقد) مصر فى الخارج، وسبب دهشتى أن نبيلة هانم مكرم ابنة الدبلوماسية المصرية وتعلمت متى تتكلم ومتى تصمت وتعلمت أن الكلمة بحساب لأى دبلوماسى فما بالكم بالدبلوماسى الذى قادته الأقدار لكرسى الوزارة وليتحدث بأسم مصر.
تصريح نبيلة مكرم الذى اعتبره البعض عفويا وجزء من الفلكولور المصري أثار ردود فعل لا يمكن تجاهلها خاصة من أجهزة الإعلام الغربية والتى ربطت بين تصريح منى هانم مكرم وسلوكيات داعش بل وربط البعض بين تصريحها وما حدث للصحفي السعودي جمال خاشقجي فى قنصلية السعودية باسطنبول.
قد نغفر لوزير لا علاقة له بالدبلوماسية أن يتكلم بطريقة توقعه فى مطب مثلما حدث لاثنين من وزراء العدل (وهما من القضاة المشهود لهم بالبلاغة والحنكة) أولهما أساء تلميحا لعمال النظافة، وثانيهما خانه لسانه فنطق بما لا يصح فى حق خير خلق الله كلهم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. ولكن يصعب بالعقل والمنطق أن نغفر لوزيرة دبلوماسية منذ نعومة اظافرها كان يكفيها أن تقول وهى فى كندا -التى تحترم المعارضة وحرية الرأى والتداول السلمى للسلطة وصناديق الانتخاب- سندخل فى حوار مع من يتكلم عن مصر (ينتقد) سواء كان فى داخل مصر أو خارجها وكلنا أذان صاغية لكل الآراء مهما كانت.
ولعل الدرس المستفاد لكل من فى السلطة.. فكروا فى كلماتكم قبل أن تنطقوا بها فبعض الكلمات نور وبعض الكلمات قبور.
--------------------
بقلم: عبدالغني عجاج